jeudi 23 avril 2015

البرازيل نمو اقتصادي واستمرار التفاوتات في التنمية البشرية

تمهيد إشكالي:
تحتل البرازيل مكانة متقدمة ضمن اقتصاديات أمريكا الجنوبية، و تعتبر ثاني قوة اقتصادية بالعالم النامي(التاسعة عالميا) تشهد تنمية اقتصادية متصاعدة. لكنها تعاني من تفاوتات في مجال التنمية البشرية.
فما مظاهر النمو الاقتصادي في البرازيل؟ وما العوامل المفسرة له؟ وما التفاوتات التي يعرفها البلد في مجال التنمية البشرية؟.
I – رصد المؤشرات الدالة على النمو الاقتصادي للبرازيل :
1 – وصف مميزات الفلاحة البرازيلية وبعض مظاهر نموها:
* إنتاج زراعي وحيواني مرتفع ومتطور ويحتل مراتب متقدمة على الصعيد العالمي: المرتبة(1) في إنتاج قصب السكر والبن والبرتقال والأبقار. المرتبة (2 ) في إنتاج الصوجا .المرتبة(3) في إنتاج الخنازير والذرة.
*
التركيز المكثف على الزراعات التسويقية (البن+ قصب السكر+ القطن..) على طول الساحل الشرقي ،وفي مساحات ضيقة في أقصى الجنوب الشرقي، في حين يسود الرعي الواسع في الهضبة البرازيلية ، واستغلال الغابة في حوض الأمازون كما تتم تربية الأبقار و الأغنام والخنازير والدواجن بطرق عصرية في مجال ضيق في اقصى الجنوب.
*
استفادة البرازيل من عائدات تصدير المنتوجات التسويقية و التي تساهم بأزيد من 11% ضمن الناتج الوطني الخام.
ساهمت هذه التحولات في: تحسن البوادي البرازيلية من حيث البنية التحتية والمرافق ومداخيل الفلاحين + ازدهار الصناعة الغذائية ومساهمتها في تطور الفلاحة البرازيلية.
2 – تشخيص مميزات نمو الصناعة البرازيلية وبعض مظاهر قوتها:
حققت الصناعة البرازيلية في العقود الأخيرة قفزة كمية ونوعية تجلت مظاهرها فيما يلي:
*
انتاج صناعي متنوع ، ويحتل مراتب متقدمة عالميا:
- الصناعات الغذائية (1) في انتاج السكر وعصير البرتقال
- الصناعة الفضائية وخاصة صناعة الطائرات Embraer  (الخدمات البريدية)(1) و(المدنية)(4)
- صناعة المطاط(5) و صناعة الورق(7).
- صناعة الألبسة والنسيج تشغل 30000 عامل وتصل مداخيلها إلى 21 مليار دولار
- صناعة السيارات تستثمر بها المقاولات الفرنسية والألمانية والايطالية،
-  قطاع الاتصالات وهو قطاع حديث ومتطور حيث يوفر الانترنيت 99من مداخيل صناعة أجهزة الاتصال والأدوات الالكترونية
*
تمركز النشاط الصناعي في مثلث ريوديجانيرو- بيلوأوريزانتي و ساوباولو بفضل توفره على الموارد المعدنية والطاقية واحتضانه المركز الرئيسي للصناعة وللقرار بالبرازيل.
*
مساهمة القطاع الصناعي بنسبة 34,3% من الناتج الوطني الخام، على الرغم من توجه الدولة نحو خوصصة بعض الفروع الصناعية.
خلاصةشهدت الصناعة تحولا مهما منذ الثمانينات بعد أن طبقت الدولة سياسة الخوصصة وتوافدت الشركات الاجنبية على البرازيل للاستثمار في الإنتاج الصناعي، وأصبحت الصناعة تشكل ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي.
3 - بنية التجارة البرازيلية ومكانتها العالمية:
تعد التجارة الخارجية من أهم مرتكزات التنمية الاقتصادية في البرازيل، ويتجلى ذلك من خلال المؤشرات الآتية:
*
بنية تجارية خارجية متنوعة ، تتشكل صادراتها الأساسية من: مواد فلاحية بنسبة29,6% ،ومواد النقل بنسبة 14,7%، أما وارداتها فتتكون أساسا من: آلات ومواد التجهيز بنسبة 36,4% ومواد مصنعة أخرى بنسبة 20,6% ومواد كيماوية بنسبة 19,6%.
*
فائض ايجابي في الميزان التجاري بلغ 40,70 مليار دولار سنة 2000م.
تعدد الشركاء التجاريون للبرازيلتتعامل البرازيل مع عدة مجموعات جغرافية عالمية تأتي في مقدمتها بلدان الاتحاد الأوربي بما قيمته 44,49 مليار دولار سنة 2006م. ثم الولايات المتحدة الأمريكية و بلدان أمريكا الجنوبية وخاصة مجموعة المركسورMercosur والصين وفي الأخير بعض بلدان إفريقيا الوسطى.
تحتل البرازيل مكانة مهمة في التجارة العالمية .
خلاصة : مكنت سياسة تشجيع الصادرات التي نهجتها البرازيل منذ 1964 من تطوير حجم التجارة الخارجية وتنويع موادها وخاصة المصنعة ووصولها الى الاسواق العالمية.
II - العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي بالبرازيل:
1- تحديد العوامل المفسرة لقوة الفلاحة البرازيلية.
العوامل الطبيعي: وجود تضاريس متنوعة اغلبها عبارة عن أراضي صالحة للزراعة في السهول الساحلية الضيقة وحوض الامازون الشاسع(340 مليون هكتار)،  وتخترقها انهار مهمة كنهر الأمازون وبارانا وساو فرانسيسكو... مناخ متنوع يتميز بانتشار المناخ الاستوائي المعتدل والرطب طيلة السنة بحيث أن درجة الحرارة لا تقل عن 25° والتساقطات عن 2000 ملم في السنة، والمناخ المداري والشبه مداري المعتدل والرطب في أقصى جنوب البلاد، والذي مكن من تكوين مغارس كبرى للزراعات المدارية التسويقية، إضافة إلى غطاء غابوي هام (غابة الأمازون) ومراعي شاسعة
العوامل التنظيمية والبشرية: تتجلى في وفرة اليد العاملة-تبلغ ساكنة البرازيل183.9مليون نسمة واندماج الفلاحة مع باقي القطاعات الاقتصادية كالصناعة والأبناك والنقل والبحث العلمي اضافة الى استثمار الشركات المتعددة الجنسيات في القطاع الفلاحي بتكوينها لاستغلاليات واسعة تستعمل التقنيات الحديثة ويوجه إنتاجها للأسواق الخارجية وتسمى هذه الاستغلاليات ب لاتيفوندياLatifundia + و تعاقد الفلاحون الصغار مع المقاولات التجارية والصناعية الكبرى.
العوامل التقنية:  تتمثل في استعمال المكننة على نطاق واسع و البذور المختارة.- تشييد الدولة للمراكز والمعاهد العلمية التابعة لوزارة الفلاحة "Embrapa" يعمل بها حوالي 8600 مستخدم و 2221 باحث موزع على 37 مركز للبحث عبر كل البلاد. - الاعتماد على المختبرات والبحث العلمي الفلاحي والاستفادة من الاستثمارات الوطنية والأجنبية الوافدة.
2 – استنتج العوامل المفسرة لنمو الصناعة البرازيلية.
العوامل الطبيعية: تتمثل في وجود ثروة معدنية هائلة كالحديد، الفوسفاط، الذهب، الفضة، الماس، المنغنيز... و بعض مصادر الطاقة كالفحم والبترول والغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية والنووية.
العوامل المالية: يتجلى تشجيع الدولة المستثمرين والمستهلكين عن طريق القروض، مما ساهم في تطوير عدة أنواع صناعية وتحقيقها أرقاما قياسية : الآلات والتجهيزات(19,7%) والسيارات (29,9%) و تزايد الاستثمارات الاجنبية الوافدة بحيث انتقلت قيمتها من 3.4 مليار دولار سنة 1999 إلى 7.6 مليار دولار سنة 2002.
العوامل العلمية والتقنيةتتجلى في وجود مراكز البحث العلمي كمعهد الدراسات من اجل التنمية الصناعية IEDI وتوظيف الآلات في مجالات الصناعات المتطورة كالمعلوميات والاتصالات والفضائية وغيرها.
ا لعامل السياسي-الادارياعتماد البرازيل سياسة النظام الليبيرالي الديمقراطي و الاستقرار السياسي و ثقة المستثمرين و تسهيل مساطر الاستثمار.
- العوامل المفسرة لنمو التجارة البرازيلية:
العامل الجغرافي: الموقع الجغرافي الاستراتيجي الملائم لبناء الموانئ الكبرى(ريسيف) والمطارات الكبرى(برازيليا)، والمنفتح على المحاور التجارية العالمية.
العامل الاقتصادي: يتمثل في وجود ثروة معدنية وطاقية و غابوية-الخشب- و وجود زراعات تسويقية ذات القيمة المرتفعة في الأسواق العالمية كالبن وقصب السكر و الصوجا... -+تزايد الاستثمارات الأجنبية الوافدة
العامل التنظيمي: يتجلى في وجود شركات رأسمالية متعددة الجنسيات+ الانتماء إلى مجموعة "مركسور Mercosur" وفر لها سوقا استهلاكية فاقت 220 مليون نسمة، ساهمت في الرفع من قيمة مبادلاتها مع البلدان الأعضاء من 3,6 إلى 12 مليار دولار ما بين 1990و 1995م.و تبني النظام الرأسمالي المرتكز على اقتصاد السوق و تنظيم بنكي محكمتنظيم معارض ومهرجانات تجارية و وجود موانئ كبرى مجهزة كـساوباولو وريوديجانيرو
 تشجيع الدولة للصادرات منذ 1964 وذلك بالدعم المالي للمبادرات المتخصصة في التصدير وتحسين برامج تمويل الصادرات وخلق نظام تأمين قروض الاستثمار في التصدير وضع أسعار تفضيلية للصادرات وإلغاء الضرائب المباشرة وكل العراقيل التي تعرقل نمو سياسة التصدير.
III- رصد التفاوتات الاقتصادية و الاجتماعية التي يعرفها البرازيل و خصائصها المجالية
1- تشخيص مظاهر التفاوت الاقتصادي بين الجهات البرازيلية
تعرف البرازيل تفاوتات بين جهاتها على عدة مستويات منها:
*
على مستوى الإنتاج الاقتصادي: يلاحظ تركز الأنشطة الاقتصادية الفلاحية والصناعية والتجارية والخدماتية في القسم الجنوبي الشرقي للبلاد، بينما تعرف المناطق الأخرى نذرة في هذه الأنشطة، ويرجع ذلك إلى الدورات الاقتصادية ( التخصص في انتاج وتصدير مادة معينة) التي عرفتها البرازيل منذ القرن 16م.
*
على مستوى الاستثمارات والبنيات التحتية: يلاحظ تفاوت صارخ بين المركز قلب البلاد المتطور، المستفيد من الاستثمارات ومن بنية تحتية قوية وتأهيل جيد لليد العاملة، والمستقطب للرساميل، وبين الهامش(الشمال والشمال الشرقي) الذي يعرف نقصا كبيرا في هذه المجالات، مما يعيق نمو البلاد وتطورها.
*
على مستوى الناتج الداخلي الخام: يلاحظ تفاوت صارح في مساهمة الجهات البرازيلية فيه بين الجنوب الشرقي 59,4% والشمال 4,9%.
2- تشخيص مظاهر التفاوت الاجتماعي بالبرازيل و تفسيره:
تتمثل مظاهر و عوامل التفاوت الاجتماعي:
*
على مستوى التنمية البشرية: تصنف البرازيل في المرتبة 69 عالميا بمؤشر تنمية متوسط 0,792 ، ونسبة الفقر 21,2%، والبطالة بنسبة 10,8%.
*
على مستوى توزيع نسب الأمية: يلاحظ تفاوت صارخ بين الجهات البرازيلية حيث تسجل في الشمال والشمال الشرقي نسبة 64,69% ، مقابل 3,62% فقط في الجنوب والجنوب الشرقي.
*
على مستوى الدخل الفردي يلاحظ تفاوت بين الولايات البرازيلية اذ تحتل ولاية بورتو اليكري المرتبة الاولى ب388دولار و بيلو اوريزونتي الرتبة الاخيرة ب305 دولار و داخل الولاية(الجهة)الواحدة: يلاحظ التفاوت بين المجالين الحضري والريفي ، بين المدينة وضاحيتها، على المستوى المعيشي، وعلى مستوى التجهيزات بين الأحياء الراقية (Iparema ) والأحياء الصفيحية (Favela ) التي تفتقر لأبسط الوسائل الضرورية من مرافق صحية وتجهيزات منزلية.
*
على توزيع مستوى مؤشر التنمية البشرية بالبرازيل : يلاحظ تفاوت بين الجنوب الشرقي والجنوب 0,910 ، والشمال و الشمال الشرقي 0,460
خاتمة : إذا كانت البرازيل قد تمكنت من تحقيق إقلاع اقتصادي كبير وصل في بعض الميادين مستوى القوى الاقتصادية الكبرى فإن المشاكل السوسيو-مجالية التي تواجه البالد تخلق بها وضعا اجتماعيا يجعلها ضمن البلدان النامية التي تتوفر على مؤشرات تنمية بشرية متوسطة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire