dimanche 28 décembre 2014

المغـــرب: الاستغلال الاستعماري في عهد الحماية

تمهيد إشكالي:
بعد توقيع معاهدة الحماية شرعت فرنسا وإسبانيا في استغلال الثروات الاقتصادية المغربية، لذلك وضعت أجهزة إدارية وهياكل اقتصادية لتحقيق أهدافهما. مما خلف آثارا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي. فما هي آليات ومظاهر الاستغلال الاستعماري؟ وما هي النتائج الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت عن هذا الاستغلال ؟ وما هي انعكاساته الاقتصاد والمجتمع المغربي؟
I الآليات التي اعتمدها الاستعمار ودورها في تسهيل استغلال المغرب:
1- الآليات المالية ودورها في الاستغلال الاستعماري للمغرب:
 لجأت سلطات الاحتلال الفرنسي إلى وضع الأسس الأولى لتسهيل عملية استغلال المغرب، حيث وفرت الآليات المالية الضرورية لذلك. و المتمثلة في :
-
إحداث وكالات ومؤسسات مالية خاصة بالإيداع والقرض مثل البنك المخزني بالرباط الذي انشئ طبقا لمقتضيات مؤتمر الجزيرة الخضراء و تمتلك فرنسا غالبية أسهمه تحددت مهمته في منح القروض للمخزن وإحداث إصلاحات مالية ونقدية. ومن الأبناك الأخرى هناك الشركة الجزائرية والقرض العقاري للجزائر وتونس والشركة المرسيلية للقرض والبنك التجاري المغربي. وهي كلها مؤسسات عملت على تنشيط ومساعدة الاستعمار على توفير البنيات التحتية اللازمة وتمويل المشاريع الكبرى وتسويق الحبوب وغيرها من الثروات الطبيعية.
- تشجيع الاستثمار وفتح المغرب في وجه الرساميل الأجنبية .وقد تمثلت الاستثمارات في :
*
استثمارات خاصة : وفرتها الشركات والأبناك الفرنسية بوجه خاص بعدما حظيت بتسهيلات وامتيازات إدارية وجمركية وضريبية.
*
استثمارات عمومية وشبه عمومية : هي الاستثمارات التي توظفها سلطات الحماية باسم المغرب في المجالات الاقتصادية، العسكرية والإدارية. أما مصدرها فهو الضرائب المباشرة وغير المباشرة المفروضة على المغاربة إضافة إلى القروض الخاصة (من الحكومة الفرنسية).
-
اعتماد نظام ضريبي متنوع (ضريبة الترتيب ،ضرائب مهنية وسكنية ،مكوس،رسوم جمركية،رسوم خدماتية، ضرائب تضامنية...).الشيء الذي أغنى خزينة الإقامة العامة ودعم مواردها(انتقلت من 271م ف سنة1920 الى66721م ف سنة1954) مما سهل ظروف استغلال خيرات المغرب وثرواته بأقل الخسائر.
2 – دور التجهيزات الأساسية في الاستغلال الاستعماري للمغرب:
اتجهت إدارة الحماية الفرنسية منذ البداية إلى توفير البنيات التحتية اللازمة من اجل تيسير ظروف مناسبة للاستيطان والاستغلال .وقد تلخصت أهم التجهيزات في :
-
إحداث شبكة من الطرق المعبدة والثلاثية ومن السكك الحديدية للربط بين المدن الساحلية والداخلية وبين المناطق الفلاحية النافعة والمناجم.
-
إنشاء موانئ ومطارات كما هو الشأن بالدار البيضاء منذ 1921 بهدف تسهيل نقل المحاصيل الفلاحية والمنجمية من مناطق الإنتاج وتصديرها  إلى الخارج.
-
إقامة شبكة من السدود بالقسم الشمالي لسقي الضيعات الاستعمارية وإنتاج الكهرباء وتوفير الماء الشروب
II –مظاهر الاستغلال الاستعماري للمغرب
1- مظاهر الاستغلال الاستعماري للمغرب في الفلاحة والصيد البحري
أ- القطاع الفلاحي  :
لجوء إدارة الحماية إلى إصدار ظهائر التحفيظ العقاري كظهير 12 غشت 1913 الخاص بتحفيظ الأراضي والأملاك العقارية، وظهير يوليوز 1914 القاضي بتفويت أراضي الجماعة للمعمرين ونزع ملكيتها من المغاربة لذلك فقد اعتبر التحفيظ السند القانوني لتأكيد الملكية، مما سهل على الأجانب إمكانية الاستيلاء على أراضي المغاربة لجهلهم بهذا الإجراء القانوني.
استحواذ المعمرين على أجود الأراضي الفلاحية بالمغرب إما عن طريق شرائها بأثمان رمزية أو باستخدام أساليب ملتوية في عملية نزع الملكية.
تشجيع الاستيطان الفلاحي في شكليه:
*
الاستيطان الرسمي : هي الأراضي التي استولت عليها سلطات الحماية بدعوى مقاومة الاحتلال أو باسم المصلحة العامة. وتتكون من أراضي الكيش ، أراضي المخزن وبعض أراضي الجماعات . وقد وزعت على المعمرين بأثمان منخفضة .
*
الاستيطان خاص: هي الأراضي التي استحوذ عليها المعمرون بواسطة التهديد، الإغراء والتحايل خصوصا وان الفلاح لا يملك أي سند قانوني يثبت ملكيته للأرض.
اهتمام المعمرين بتوسيع نطاق الزراعات التسويقية (القطن ،الكروم...) وباستخدام آلات فلاحية حديثة مستفيدين من الدعم التقني والضريبي والمالي (قروض) ومن عمليات الاستصلاح المجاني للأراضي الزراعية (نظام السخرة) الشيء الذي انعكس ايجابيا على مردودية ضيعاتهم.
ب- قطاع الصيد البحري:
يتوفر المغرب على ساحل شاسع تعبره مياه بحرية ذات حرارة ومميزات بيولوجية مختلفة ساهمت في تنوع الثورة السمكية، هيمن الأجانب (الأسبان،البرتغال والفرنسيون) على استغلالها والاستفادة منها بفعل استيلائهم على أغلبية المراكب والسفن وقد تطور الإنتاج البحري سواء تعلق الأمر بعدد المراكب والسفن أو بكمية بالإنتاج .
2 – مظاهر الاستغلال الاستعماري في المجال الصناعي:
بدأ الاستغلال الأجنبي للمناجم المغربية قبل الحماية واشتد منذ 1920 مع إنشاء المكتب الشريف للفوسفاط الذي بدأ استغلال مناجم خريبكة واليوسفية 1922. ومنذ ذلك الحين والإنتاج يتضاعف إلى أن أصبح المغرب ثاني منتج عالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1938. إضافة إلى استغلال الموارد المعدنية الأخرى، مثل الفضة بورزازات بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتمثلة في الفحم بجرادة و البترول بسيدي قاسم كما تطور الإنتاج الكهرباء وخصوصا المائية منها.
لم تستهدف فرنسا وضع قاعدة صناعية حقيقية في المغرب، بل كانت موجهة لخدمة مصالحها الاقتصادية الفرنسية  فاقتصر النشاط الصناعي في المغرب على الصناعات الغذائية والنسيج والجلد وبعض الأسمدة الكيماوية، وقد شكلت الصناعة المنجمية أحدى الأنشطة الأساسية الاستعمار الفرنسي واهم مصدر للربح بالمقابل كانت أجور العمال جد منخفضة.
3-مظاهر الاستغلال الاستعماري في القطاع التجاري:
هيمن الأجانب على التجارة المغربية الداخلية بواسطة متاجر التقسيم والشركات الكبرى المتخصصة في السمسرة والمبادلات على حساب التجار المغاربة كما أن النشاط التجاري الأجنبي في المغرب كان قبل إنشاء الفلاحة والصناعة الاستعماريين.
تميزت المبادلات الخارجية المغربية من حيث البنية بهيمنة المواد الخام الفلاحية والبحرية والمعدنية والطاقة على الصادرات بينما تشكلت الواردات من مواد كاملة الصنع تجهيزية واستهلاكية من ضمنها المواد الغذائية. وقد عرفت الصادرات و الواردات عهد الحماية تضاعف كبيرا من حيث الحجم والقيمة إلا أن تركيبتها جعلت الميزان التجاري المغربي يعاني من الحجز الدائم مع الدول الاستعمارية خلال هذه الفترة.
III - آثار الاستغلال الاستعماري على الاقتصاد والمتجمع المغربين:
1-آثار الاستغلال الاستعماري على الاقتصاد المغربي:
أنشأت الإقامة العامة مصلحة الاستيطان أسندت لها مهمة تقسيم الأراضي العمومية( الاحباس والمخزن والقبائل) إلى استغلاليات توزع على المعمرين بأثمان منخفضة وتسهيلات في الأداء وكانت تضم هذه الاستغلاليات أهم الأراضي الخصبة التي تتلقى كميات وافرة من الأمطار ويسهل سقيها في سايس والغرب والشاوية والحوز وتادلة وسوس...
كما شهدت الحرف التقليدية منافسة قوية من طرف المصنوعات الأجنبية المستوردة خاصة وان الشركات الأجنبية بالمغرب أو أوربا تخصصت في إنتاج منتوجات منافسة للمنتوجات الحرفية المغربية مما أدى إلى إفلاس مجموعة من الحرفيين وانهيار صناعتهم مثل قطاع الأحذية وفي سنوات الأربعينيات وخاصة 1943 شهد المغرب نقصا كبيرا في المواد الأساسية ( اللحم- القمح- الزيت- السكر-...) بالرغم من ارتفاع المحاصيل نتيجة للحصار المفروض آنذاك على فرنسا،فعرف المغرب أزمة خانقة بسبب ندرة المواد الاستهلاكية الأساسية وظهور الأوبئة مما دفع فرنسا إلى اعتماد نظام التموين وفرض استعمال أوراق الإذن لشراء المواد ويذكرها المغاربة باسم "عام البون "كما رافق ذلك ارتفاع كبير في الأسعار ارتبط بندرة هذه المواد مع انخفاض الدخل.
2-انعكاسات الاستغلال الاستعماري على المجتمع المغربي:
عانت مختلف الفئات الاجتماعية من الاستغلال الاستعماري حيث:
- فقد الفلاحون أراضيهم وتحولوا إلى عمال مأجورين إضافة إلى قيامهم بأعمال السخرة لفائدة القواد و المعمرين.
- أما الحرفيون فقد أصيبت منتجاتهم بالكساد الارتفاع  أسعار المواد الأولية ومنافسة البضائع الأجنبية لمنتجاتهم، و فقدان اليد العاملة.
- كما عانى التجار من المنافسة الأجنبية وتم تحديد مساهماتهم في الشركات الكبرى في نسبة 5%.
-أما العمال فقد حرموا من حقوقهم ( التأمين – الحق النقابي. الطرد التعسفي- البطالة). وتكدسوا في الأحياء الصفيحية.
-هذا بالإضافة إلى الضرائب والرسوم المفروضة على مختلف الفئات وتقديم الهدايا لشخصيات المرموقة
كانت للاستغلال الاستعماري عواقب وخفية ومن الأمثلة على الارتفاع معدلات الأمية في المنطقة الخلفية سنة 1956. مقارنة نسبة 1912 وكذلك وجود عدد قليل من المستشفيات في هذه المنطقة، كل هذا أدى إلى ازدياد فقر وبؤس المغاربة، وازدياد الهجرة من الريف نحو المدن، وظهور بروليتارية مغربية تعيش في ضواحي المدن في شروط سكنية وغذائية واجتماعية تعيسة.
خاتمة

أقدمت سلطات الحماية على توظيف عدة آليات مكنتها من استغلال المغرب فلاحيا وصناعيا وتجاريا وهو ما انعكس سلبيا على مختلف الفئات الاجتماعية فلاحيا وصناعيا وتجاريا وهو ما انعكس سلبا على مختلف الفئات الاجتماعية. مما ولد لديهم شعورا وطنيا بضرورة مناهضة نظام الحماية.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire