mercredi 17 décembre 2014

المغرب تحت نظام الحماية



تمهيد إشكالي:
واجهت المغرب مع مطلع القرن 20 مجموعة من الأزمات السياسية و الاقتصادية ساهمت فيها عوامل داخلية وأخرى خارجية انتهت بسقوطه تحت الحماية الفرنسية والأسبانية سنة 1912م.
فما هو السياق العام لفرض عقد الحماية على المغرب؟ و ماهي أهم بنودها؟ وما أجهزة ومؤسسات نظام الحماية؟ وما هو رد فعل المغاربة تجاه هذا النظام؟
I – السياق العام لفرض عقد الحماية على المغرب، و دراسة بعض بنوده:
1- وصف الظروف العامة التي فرض فبها عقد الحماية:
أ - العوامل الخارجية:
تمثلت هذه العوامل في اشتداد التنافس الامبريالي حول المغرب، وقد حسمت فرنسا هذا التنافس عبر اتفاقيات ثنائية انفردت بموجبها بالمغرب، حيث تنازلت سنة 1902م لايطاليا عن ليبيا مقابل المغرب، ثم تنازلت لبريطانيا عن مصر سنة 1904م، كما حصلت على امتيازات متعددة في المغرب بموجب مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة 1906م، وفي سنة 1911م تنازلت لألمانيا عن جزء من الكونغو بعد أزمة اكادير، وفي30مارس1912 تم توقيع معاهدة الحماية ثم الاتفاق مع اسبانيا حول مناطق الاحتلال في 27 نونبر من نفس السنة .
ب - العوامل الداخلية:
- أزمة اقتصادية ومالية داخلية: تمثلت في فشل المخزن المغربي في فرض ضريبة الترتيب سنة 1902(رفضها من طرف الأعيان و العلماء)، ولجوئه إلى الاقتراض المكثف من الدول الأوربية وخاصة فرنسا.
- أزمة سياسية تجلت في اندلاع تمردات الريسوني و الجيلالي بن إدريس الزرهوني (بوحمارة) ما بين 1902-1909م، وعزل السلطان المولى عبد العزيز وبيعة المولى عبد الحفيظ سنة 1908م، وقد استغلت القوى الاستعمارية هذا الوضع السياسي المضطرب، حيث احتلت فرنسا وجدة والدار البيضاء سنة 1907م، ثم احتلت اسبانيا العرائش والقصر الكبير سنة 1911م.
2 – دراسة بعض بنود عقد الحماية على المغرب:
وقع السلطان المولى عبد الحفيظ والسفير الفرنسي رينو عقد الحماية بمدينة فاس يوم 30 مارس 1912م، وقد نصت معاهدة الحماية على تأسيس نظام جديد بالمغرب ستند له مهمة القيام بإصلاحات إدارية و عدلية وتعليمية و اقتصادية ومالية وعسكرية لفائدة المغرب.كما يقوم السلطان بتسهيل الاحتلال العسكري للمغرب بذريعة( تبرير) استتباب الأمن وتامين المعاملات التجارية وتنفيذ الإصلاحات من اجل تحديث البلاد وتطوير اقتصادها.و تعهد فرنسا بحماية أمن وسلامة السلطان و حراستها للتراب المغربي برا وبحرا.و تعيينها مقيما عاما لها في المغرب وتمتيعه بصلاحيات عامة و قيامها بالتفاوض مع اسبانيا.مع الإبقاء على طنجة كمنطقة دولية.
وبفرض نظام الحماية فقد المغرب سيادته وحقه في تسيير شؤونه العامة بنفسه لصالح الحمايتين الفرنسية في السلطانية في الوسط والاسبانية في المنطقة الخليفية في الشمال والجنوب وسلطة دولية في طنجة.ليصبح له في شخص السلطان وخليفته دورا صوريا مجردا من الصلاحيات.
II - التقسيم الترابي للمغرب بعد سنة 1912، ورصد أجهزة و مؤسسات نظام الحماية:
1 - التقسيم الترابي للمغرب في عهد الحماية:
قسم المغرب إلى ثلاث مجالات رئيسية:
*المنطقة الدولية بطنجة: أقر مؤتمر الجزيرة الخضراء1906 وضع نظام خاص لمدينة طنجة، وكان لإنجلترا دور في إقرار نظام دولي لها في مؤتمر باريس1923
*منطقة الحماية الاسبانية: ورد في الاتفاق الودي الفرنسي الإنجليزي1904ضرورة إشراك إسبانيا في فرض نفوذها على المغرب فتم عقد اتفاق فرنسي إسباني في أكتوبر1904يقسم المغرب إلى منطقة نفوذ إسباني(في الشمال والجنوب)ومنطقة النفوذ الفرنسي(في الوسط)،وتم في نونبر 1912اتفاق فرنسي إسباني يحدد مناطق النفوذ بين الدولتين، و قسمت المنطقة الخليفية إلى (جبالة، لوكوس،غمارة، الريف)، وبالجنوب  (الساقية الحمراء، ووادي الذهب،سيدي افني).
*منطقة الحماية الفرنسية بوسط البلاد الذي تم تقسيمه إلى جهات مدنية (وجدة، الرباط، الدار البيضاء)، واخرى عسكرية (فاس، مكناس، مراكش، اكادير).
2 – رصد الأجهزة الإدارية للحماية الفرنسية ووظائفها:
وضعت فرنسا تنظيمات إدارية مكنتها من السيطرة الفعلية على المغرب تاركة للسلطان الشؤون الدينية، وقد توزعت بين إدارة مركزية وجهوية ومحلية: فعلى رأس إدارة الحماية نجد المقيم العام (اليوطي أول مقيم عام 1912-1925) ممثل فرنسا بالمغرب، له مطلق الصلاحيات، يساعده كاتب عام يشرف على جميع الإدارات، إضافة إلى المديرين الذين يتولون رئاسة المديريات(الوزارات) كالصحة، التعليم، الفلاحة، الصناعة، البريد ...، والمديريا ت السياسية منها الداخلية تراقب السلط جهويا ومحليا، والأمنية (تراقب أفكار المغاربة وتقمع المعارضين)، ثم مديرية الشؤون الشريفة (تراقب وظائف المخزن وتقدم القرارات للسلطان والصدر الأعظم)، وسيرت الإدارة الجهوية من طرف مراقبين مدنيين بالمناطق المدنية، وضباط الشؤون الأهلية بالمناطق العسكرية المضطربة، أما الإدارة المغربية مركزيا فعلى رأسها السلطان (يمثل السلطتين السياسية والدينية) يساعده الصدر الأعظم ووزارتي العدل والأوقاف، أما محليا فنجد الباشوات في المدن و القواد بالبوادي ثم الشيخ والمقدم،وكلهم للإدارة الفرنسية.
3-الأجهزة الإدارية في كل من المنطقة الخليفية و الدولية و وظائفها
ا – في المنطقة الخليفية:
 تميزت كذلك بازدواجية الإدارة(الاستعمارية و المخزنية-شكلية-) مركزيا ومحليا، حيث نجد  المندوب السامي يمثل الدولة الاسبانية بالمغرب و يستعين بمجموعة من الأجهزة الإدارية في شكل نيابات (الشؤون الأهلية – التعليم – الصناعة – الفلاحة – الصحة – المالية ...)، أما محليا فتم تعيين قناصل على المدن، وضباط عسكريين على البوادي. أما الإدارة المغربية فيمثلها خليفة السلطان له صلاحيات شكلية كإصدار الظهائر وتولي وزارة العدل والأوقاف و المالية، يمثلها محليا الباشوات بالمدن والقواد والشيوخ والمقدمون بالبوادي تحت مراقبة ضباط الجيش الاسباني.
ب - منطقة طنجة الدولية: تمثلت الأجهزة الدولية في:
+ السلطة التشريعية: المشكلة من مجلس تشريعي متكون من 9 أعضاء مغاربة و18 أجنبيا، ولجنة المراقبة ممثلة في قناصل الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء، وتكلفت باتخاذ القرارات الاقتصادية و الادارية ومراقبة احترام النظام الدولي
+ السلطة التنفيذية: المكونة من حاكم المدينة ونواب المجلس التشريعي، مهمتها تعيين الموظفين الكبار وتنفيذ قرارات السلطة التشريعية، و الحافظ على الأمن.
+ السلطة القضائية: شكلت من 7 قضاة من الدول الموقعة على مؤتمر الجزيرة الخضراء مهمتها الفصل في النزاعات الجنائية والتجارية بالمدينة.
 بينما تشكلت الأجهزة المخزنية من مندوب السلطان والقاضي وموظفي الاحباس، مهمتها الحرص على شؤون المغاربة والزامهم باحترام النظام الدولي.
III - نماذج المقاومة المسلحة، ودورها في مواجهة الاحتلال الأجنبي:
1 - مظاهر المقاومة المسلحة للاحتلال الأجنبي:
+احداث فاس: في 20 ابريل 1912، بعد توقيع عقد الحماية، هبت القبائل المجاورة لفاس لتحرير المدينة بقيادة محمد الحجامي، صمدوا طيلة شهري ماي ويونيو 1912 قبل أن ينتصر الجيش الفرنسي لتفوقه العسكري.
+معركة سيدي بوعثمان: انطلقت المقاومة الجنوبية من الصحراء المغربية بزعامة أحمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين، وأخوه مربيه ربه، وتصدت هذه المقاومة للجيش الفرنسي في شمال مراكش، وبسبب اختلاف موازين القوة انهزم المغاربة في معركة سيدي بوعثمان يوم 06 شتنبر 1912م، وبعدها عاد المجاهدون لمواصلة المقاومة بالجنوب المغربي إلى غاية وفاة مربيه ربه سنة 1934م.
+معركة الهري: قاد موحا اوحمو الزياني نسبة إلى قبائل زيان بخنيفرة بالأطلس المتوسط، واستطاعوا بفضل شجاعتهم وخططهم الحربية الانتصار الساحق على الفرنسيين، حيث قتل وأسر كبار قادة الجيش الفرنسي في معركة الهري يوم 13 نونبر 1913م.
+معركة مسكي الرجل: تزعم المجاهد الشريف المحمدي العلوي قبائل تافيلالت بالجنوب الشرقي للمغرب لمقاومة الاحتلال الفرنسي، وقد صمد المقاومون في جبهات المعركة حيث اضطروا إلى ربط أرجلهم ببعضهم بالحبال للثبات في مواقعهم، وأداروا معركة طاحنة ضد الجيش الفرنسي بمنطقة مسكي قرب الريصاني سنة 1919م انتهت باستشهادهم.
+معركة القوس: ترأس المجاهد با علي المقاومة المسلحة بالجنوب الغربي لمنطقة تافيلالت ضد القوات الفرنسية وعملائها من المغاربة (جيش الكلاوي)، انتهت بانهزام المقاومة في معركة القوس التي امتدت من يوم 31 يوليوز إلى 3 غشت 1920م.
+معركة بوكافر: قاد المجاهد عسو اوبسلام قبائل ايت عطا بالأطلس الكبير، ورغم استعمال الجيش الفرنسي للطائرات والمدافع والقنابل، فان المقاومين صمدوا في معركة القوس من 12 فبراير إلى 24 مارس 1933م، ولم يستسلموا إلا بعد أن استنفدوا أسلحتهم مقابل شروط قدمها عسو اوبسلام للفرنسيين.
2- مظاهر المقاومة المسلحة المغربية للاحتلال الاسباني:
تزعم محمد بن عبد الكريم الخطابي المقاومة المسلحة الريفية التي حققت نصرا كبيرا في معركة أنوال يوم 21 يوليوز 1921م ضد الاحتلال الاسباني بالشمال المغربي، وبعد هذه المعركة تحالفت اسبانيا مع فرنسا، وشنتا حربا عسكرية استعملت فيها الغازات الكيماوية، فاستسلم محمد بن عبد الكريم الخطابي يوم 27 ماي 1926، كما قاد احمد أخريرو مقاومة قبائل جبالة بالشمال الغربي من المغرب ضد الاحتلال الاسباني إلى أن استشهد يوم 3 نونبر 1926م.
3- مظاهر صمود المقاومة المسلحة واستماتتها في مواجهة الاحتلالين الفرنسي – الاسباني:
تطلب احتلال المغرب عسكريا من طرف سلطات الحماية 22 سنة من العمل العسكري (1912 إلى 1934م)، وذلك بفضل قوة المقاومة المسلحة المغربية وحسن تنظيمها رغم استعمالها لوسائل وأسلحة تقليدية بسيطة، وأسلحة الغنائم العسكرية من المعارك كما هو الشأن في معركة الهري وأنوال، مقارنة مع التفوق العسكري للمحتل المكون من جيش نظامي مجهز بأسلحة متطورة نارية ودبابات وطائرات، إضافة إلى ارتفاع الروح القتالية للقبائل والتفافها حول زعماء المقاومة، وهو ما حاولت فرنسا ضربه بخلق التفرقة، حيث لجأت إلى سياسة فرق تسد بين مكونات المجتمع المغربي من امازيغ وعرب بإصدارها للظهير البربري سنة 1930م، إلا أن المغاربة أفشلوه وزاد من شعورهم الوطني المغربي، وبعد نهاية المقاومة المسلحة بسبب التفوق العسكري الفرنسي والإسباني، انطلقت مقاومة جديدة بالمدن عقب إصدار سلطات الحماية للظهير البربري، وتبنت الأسلوب السياسي والدبلوماسي لمواجهة المستعمر، وعرفت بالحركة الوطنية بعد تأسيس "كتلة العمل الوطني" كأول حزب سياسي في ظل الحماية الفرنسية.
خاتمة:
تعرض المغرب للاستعمار بعد توقيع معاهدة الحماية، وشهدت البلاد مقاومة مسلحة استمرت إلى غاية 1934م، ووضع الاستعمار أجهزة إدارية لتسهيل عملية الاستغلال بالمغرب.
المنطقة
التاريخ
الزعماء
أهم المعارك و الأحداث
النتائج
فاس
20ابريل 1912
محمد الحجامي
محاصرة مدينة فاس من طرف القبائل المجاورة لمدة شهرين
انتصار الجيش الفرنسي لتفوقه العسكري
الجنوب
6شتنبر 1912
احمد الهيبة-مربيه ربه
سيدي بوعثمان(شمال مراكش)
الهزيمة أمام الجيش الفرنسي و العودة إلى الجنوب و مواصلة المقاومة إلى غاية 1934
الأطلس المتوسط
13نونبر1914
موحا اوحمو الزياني
معركة الهري
تكبيد فرنسا هزيمة نكراء و خسائر في العتاد و الرجال
الريف
21يوليوز1921
محمد بن عبد الكريم الخطابي
معركة أنوال
هزم اسبانيا و حصوله على غنيمة مهمة من العتاد الحربي ساعدته في تنظيم الجيش، استسلم بعد تحالف فرنسا و اسبانيا و استعمال الغازات السامة
جبالة
1926
اخريرو
قاد المقاومة بجبالة
استشهد يوم3 نونبر 1926
الأطلس الكبير
24مارس1933
عسو اوبسلام
معركة بوكافر
مقاومة عنيفة بالرغم من استعمال احدث الوسائل، ساهمت المرأة بفعالية في هذه المعركة
الجنوب الشرقي
1919
المحمدي العلوي
مسكي الأرجل
أداروا معركة طاحنة ضد الجيش الفرنسي بمنطقة مسكي قرب الريصاني سنة 1919م انتهت باستشهادهم.
 منطقة تافيلالت
2غشت1920
با علي و بلقاسم النكادي
معركة القوس
بانهزام المقاومة أمام القوات الفرنسية وعملائها من المغاربة (جيش الكلاوي)،

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire