vendredi 8 mai 2015

كوريا الجنوبية: نموذج لبلد حديث النمو الاقتصادي

تمهيد إشكالي:
تقع كوريا الجنوبية شرق القارة الأسيوية، على مساحة99617كلم²، يسكنها 50.3م ن، عاصمتها سيول، و تعتبر من التنينات الاربع، شهدت نهضة اقتصادية حديثة ومهمة، جعلتها تحقق نسب نمو تقدر ب 5.5%، فما هي مظاهر النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية؟ وماهي العوامل المفسرة له؟ و ما هي التحديات والمشاكل التي تواجهه؟
I – وصف مظاهر النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية.
1 – تشخيص مظاهر النمو الصناعي
تحتل كوريا الجنوبية الرتبة 11 في الاقتصاد العالمي، و تعتبر من التنينات الأسيوية الأربعة بفضل تنميتها الاقتصادية السريعة، يصل ناتجها الداخلي الخام  إلى 1371مليار دولار، ويرجع ذلك إلى الطلب الخارجي على منتجاتها الصناعية الزهيدة الثمن، كما يتميز انتاجها الصناعي ب:
- ضخامة و تنوع الانتاج خاصة بالنسبة لبعض الصناعات الأساسية( السيارات(5)و الصلب(5)واجهزة الراديو و الفيديو و التلفزة(3) السفن(2)الهاتف الخلوي(2))
- انتظام الصناعة الكورية في ثلاث اقطاب كبرى :
= قطب سيول العاصمة : اهم مركز اقتصادي يتواجد بالشمال الغربي يتوفر على صناعات متنوعة يغلب عليها الطابع التكنولوجي و الكيماوي و البتروكيماوي
= قطب بوسان : بالجنوب الشرقي يتوفر على صناعات متنوعة يغلب عليها الصناعة الثقيلة ( الصلب و الميكانيك )
= قطب كوانغ جو : بالجنوب الغربي هو اقل من حيث الاهمية تتركز فيه بالغالب صناعات غذائية
- وجود شركات صناعية قوية تهتم بالصناعات العالية التكنولوجية منها شركة سمسونغSamsung التي تحتل المرتبة الثانية عالميا ضمن العشر الأوائل في العالم بعد شركة "أنتل الأمريكية INTEL" من حيث رأس المال ب30.47مليار دولار في انتاج وبيع شبه الموصلات التي يزداد عليها الطلب في الأسواق العالمية في كل أنواع وفروع الصناعات الدقيقة، وصناعات الاتصال والتواصل)الهواتف+ أجهزة التصوير الرقمية+ تسجيل الصوت والصورةMP3وMP4+الحواسب...(وأصبحت تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الكوري خصوصا مع تقديرات الخبراء بأن رقم معاملات هذه الصناعة سيصل إلى 350ملياردولار أمريكي في سنة2011.
· إنشاء منطقة اقتصادية خاصة بالحدود مع كوريا الشمالية، تنتشر بها مقاولات صناعية جنوبية ويشتغل بها حوالي 800الف عامل كوري شمالي. وتهدف كوريا الجنوبية من هذه السياسة اتقاء خطر التوتر والحرب مع جارتها الشمالية وتعزيز التنمية الاقتصادية في الشمال في أفق العودة إلى الدولة الكورية الموحدة
2- ابراز مظاهر نمو التجارة والخدمات في كوريا الجنوبية
* تطور قيمة الصادرات الكورية الجنوبية من الصناعات الأساسية (السيارات و السفن والأجهزة الالكترونية والكهربائية و صناعات خفيفة كالملابس والأحذية) خلال الفترة ما بين 1990 و 2001 بسبب تطور إنتاجها الصناعي وتزايد الطلب عليه في الأسواق الدولية .
*
بنية تجارية قوية ومتنوعة، تحتل فيها المواد المصنعة مكانة رئيسية في الصادرات بنسبة 84.4%، أما الواردات فتتألف أساسا من مواد معدنية وطاقية بنسبة 44.1% ومواد فلاحية بنسبة 6.4%، وهو ما انعكس بشكل ايجابي على وضعية ميزانها التجاري حيث حقق فائضا بلغ 23مليار دولار سنة 2005م.
*
تعدد الشركاء التجاريين المتعاملين معها ، حيث تأتي الصين في مقدمة الدول التي تصدر لها بنسبة 24.5%، و التي تستورد منها بنسبة 15.5%
* تطور قيمة الخدمات المصدرة : كالنقل بنسبة 54 % والاتصالات والتامين والخدمات المالية وغيرها بنسبة 29% والسياحة 17%
· تعزيز المبادلات التجارية مع كوريا الشمالية لاتقاء خطر الحرب والتقليص من فوارق التنمية، و بلغ مجموع قيمة الصادرات من كوريا الجنوبية إلى كوريا الشمالية خلال شهر يناير2007 حوالي 37169دولار واستوردت منها كوريا الجنوبية حوالي 55580 دولار.
خلاصة: تعتبر الصناعة أهم ركيزة للاقتصاد الكوري، تستجيب لمتطلبات الاستهلاك الصناعي الوطني، وتشكل الدعامة الأساسية للتجارة الخارجية
II – تفسير مظاهر النمو الاقتصادي بكوريا الجنوبية
1- تفسير مظاهر النمو الصناعي الذي تعرفه كوريا الجنوبية
العوامل التاريخية: استفادت صناعة كوريا الجنوبية من تجارب التنمية الاقتصادية للقوى الاستعمارية التي احتلت أراضيها، اليابان 1910-1945والولايات المتحدة الأمريكية 1945-1949، كما استفادت من الاستثمارات والمساعدات اليابانية والأمريكية في إطار مخطط مارشال لسنة 1947.
- العوامل البشرية: تستفيد صناعة كوريا من قوة سكانية تصل حوالي 50.3م ن، وتتميز بتكوين وتأهيل علمي وتقني مرتفع، وتتصف بالانضباط والإتقان في العمل .
- العوامل التنظيمية: تتطور الصناعة بفضل وجود مقاولات عملاقة تحتكر أنشطة إنتاجية متنوعة ومتكاملة-الشيبول  - وتخضع لمخططات توجيهية تضعها الدولة. كما تنتشر مؤسسات متخصصة في إنتاج صناعي محدد، فمثلا تختص سامسونغ وLG في الصناعات الالكترونية الدقيقة، بينما تختص كيا وهيونداي في صناعة السيارات.
- العوامل العلمية-التقنية: يعتبر البحث العلمي أهم مرتكزات تطور الصناعة الكورية، لذلك تنفق عليه الدولة حوالي 7.1 %من الناتج الداخلي الخام محتلة الرتبة الأولى عالميا، كما تصرف عليه المقاولات المنتجة حوالي 53 %متفوقة على الدول النامية، وبفضل هذا الدعم المالي للبحث العلمي، تقدمت كوريا الجنوبية ب 5935 طلبا لبراءات الاختراع للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، محتلة الرتبة الرابعةالولايات المتحدة في المرتبة الأولى تليها اليابان ثم بعدها ألمانيا(.
- العوامل الرأسمالية: تستثمر مبالغ مالية ضخمة في الإنتاج الصناعي، سواء من طرف المقاولات الوطنية أو الاجنبية المتدفقة على كوريا حيث وصلت قيمتها سنة 2011 حوالي 10.94ملياردولار.
خلاصة: ساهمت هذه العوامل في التطور الكمي والنوعي للصناعة الكورية، لذلك تشكل الدعامة المركزية للنمو الاقتصادي القائم على تصدير المنتجات الصناعية
2- تفسير نمو قطاع التجارة و الخدمات بكورية الجنوبية
وجود موانئ مهمة منفتحة على الأسواق العالمية كميناء )أنشون + بوسان +اولسان+بوهانغ( تستقبل وتنطلق منها شبكة كثيفة من السفن التجارية العالمية.
· 
التركيز على تصدير المنتجات الصناعية بنسبة 93%،(تمثل 12 من نصيب العالم النامي المصدر للمنتجات الصناعية محتلة الرتبة الثانية بعد الصين 16%)
· 
جودة المنتجات الصناعية المصدرة و حفاظها على مستوى تكنولوجي جيد والاعتماد على شبكة كثيفة للخدمة بعد البيع، وتنطبق هذه المعايير أساسا على صناعة السيارات KIAو Hyundai.وتشكل عائدات تصديرها موارد مالية مهمة للناتج الداخلي الخام.
· 
اكتساح المنتجات المصنعة وخاصة الالكترونية الدقيقة للأسواق العالمية وحصول شركات إنتاجها على جوائز مشرفة في مجال التصميم الصناعي، فشركة سامسونغ حصلت على 5 جوائز متفوقة على كل الشركات الأسيوية و الأوروبية والأمريكية. اضافة الى شركة lg مما زاد من قيمة ارباحها
III-ابراز اثار التنمية الاقتصادية على الأوضاع الاجتماعية بكوريا الجنوبية والتحديات التي تواجهها
 1- أثار التنمية الاقتصادية على الأوضاع الاجتماعية:
- نمو الناتج الداخلي الخام 1130مليار دولار و الدخل الفردي 22589 دولار سنة 2012، مما جعل مؤشر التنمية البشرية يصل0.909
- ضعف نسبة البطالة 3.1و ارتفاع نسبة السكان النشيطين 63.6%، يشغل معظمهم بالقطاع الثالث 64.9 % والقطاع الثاني 32,5 % بينما لا يشتغل بالقطاع الأول سوى 2.6%
- ارتفاع مؤشري المعرفة والتمدين: تصل نسبة المتعلمين الكبار 99 % وهي وضعية مشابهة للبلدان المتقدمة بل تتفوق نسبة المسجلين في التعليم العالي بكوريا 60.4 % على فرنسا 51وعلى اليابان 40.5 و تصل نسبة التمدين 81.2 سبب الهجرة القروية المكثفة لتحسين مستواها المعيشي
- تحسن الخدمات الصحية والمعيشية: يصل أمد الحياة بكوريا الجنوبية إلى 77.3سنة،ولا تتعدى نسبة الوفيات0.5  %
- تحسن مستوى عيش السكان: ومن مظاهر ذلك تزايد الإقبال على شبكة الانترنيت، بحيث يصل عدد المرتبطين بشبكة الانترنيت بكوريا نسبة 84.1بينما لا تتعدى نسبة79 %باليابان ونسبة 81في الولايات المتحدة الأمريكية، ويكثر الإقبال على بوابة cyberWorld .فضلا عن الإقبال الكثيف للسكان على منتجات التكنولوجيا العالية :الهاتف+ التلفاز عبر الهاتف المحمول+ الحاسوب و القطار السريع...
2- التحديات والمشاكل التي يواجهها اقتصاد كوريا الجنوبية
- تراجع الاستهلاك الداخلي بسبب القروض مما ادى الى افلاس مجموعة من المقاولات الصغرى و المتوسطة
- ضعف مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج الداخلي الخام3.1 واستيراد الحاجيات الغذائية من الخارج(99.7 من حاجياتها من القمح)
- الافتقار إلى الموارد المعدنية والطاقية واستيرادها من الخارج بأسعار مرتفعة لتلبية حاجيات الصناعة.
- ارتباط الاقتصاد بالتصدير وبالأسواق الخارجية وبالتقلبات السياسية والاقتصادية العالمية، كل ذلك يفرض على كوريا البحث المستمر عن زبناء وشركاء تجاريين.
- تحدي الرفع من الدخل الفردي وتقليص نسبة بطالة الشباب، وذلك بالتركيز على قطاعات الإنتاج المعتمدة على المعرفة والمرتفعة القيمة المضافة كتكنولوجيات الاتصال وقطع الغيار والخدمات المالية.
- تحدي منافسة الشركات المتعددة الجنسيات في الأسواق العالمية.
- تفاوت التنمية بين الاقطاب الصناعية المتطورة و المناطق الاخرى المهمشة
خاتمة: يظهر اذن ان استمرار نمو اقتصاد كوريا الجنوبية يتطلب منها البحث المستمر عن اسواق خارجية و ايجاد حلول مناسبة للتحديات المطروحة و في مقدمتها المنافسة الصينية

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire